يا شباب المدينة خطيرة فيها قنبلة بنس

الحقيقة الدولية: خطوات تسارعية تلك التي يسير عليها عالمنا العربي بصفة خاصة والعالم بأسره بصفة عامة، تنبئ بتغيرات بنيوية ودراماتيكية شاملة تكفي لانقلاب المفاهيم والثوابت «الأصيلة» إلى أخرى «هدامة» جديدة.

فالثورة المعلوماتية التي جعلت من عالمنا الواسع قرية صغيرة رافقتها ثورات أخرى جعلت تلك القرية «العالم» محكومة من قوة غير مركزية أقرب ما تكون إلى الهلامية، تؤثر بالواقع ولا تتأثر به.

وقد شكل «الانترنت التفاعلي» واحدا من أهم أذرع تلك القوة اللامركزية التي بدأت بتغيير العالم بعد أن خلقت متنفسا للشباب للتعبير من خلاله عن مشكلات الفراغ والتغييب والخضوع والتهميش، والتمدد أفقيا وبصورة مذهلة في نشر تلك الأفكار والتفاعل معها عربيا ودوليا.

كما ان اللجوء إلى تلك القوة بات من المبررات المنطقية لإحداث التغيير الذي يلامس الواقع الشعبي وربما السياسي، كما حصل في مصر بعد دعوات للعصيان المدني نشرت على موقع تفاعلي يحمل اسم «الفيس بوك» وتلك المحاولات الحثيثة التي يقوم بها الشاذون جنسيا في الأردن لتنظيم أنفسهم مرة أخرى من خلال اجتماعات تجرى على ذات الموقع بعناوين واضحة وأفكار معلنة «لمزيد من التفاصيل يرجى قراءة التقرير في صفحة بلدي 4».

والمثير في هذه المتسلسلة العنكبوتية أن المتلقي العربي الذي ما تعود على مثل هذه التحركات التغييرية، انساق وراء الدعوات التي أطلقتها جهات لا تزال مجهولة لإعلان «العصيان المدني» في مصر يوم السادس في نيسان، وحدث الإضراب من دون قوة مركزية تديره وتشرف عليه وتتبنى أفكاره وسياقاته التغييرية في داخل المجتمع.

اضرابات واحتجاجات في مصر

فللمرة الأولى منذ ثورة 1919 شهدت مصر إضرابات عامة في قطاعات متعددة من الوزارات إلى الجامعات والمدارس والمصالح الحكومية والشركات والمصانع ووسائل المواصلات.

وبدت شوارع القاهرة والمحافظات الأخرى خالية من المارة والسيارات باستثناء سيارات الأمن المركزي والضباط والجنود الذين حاصروا جميع الأماكن والميادين التي كانت مرشحة للتظاهر فيها ورغم ذلك استطاع المئات من المشاركين التظاهر في عدة أماكن في القاهرة والمحافظات.

واعتقلت أجهزة الأمن العشرات من المواطنين بشكل عشوائي في محافظات الإسكندرية والدقهلية والإسماعيلية والقاهرة وبورسعيد وغيرها كما اعتقلت العشرات من أعضاء حركة «كفاية» ونشطاء في أحزاب الغد والناصري والكرامة.

وامتدت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من نقابتي المحامين والأطباء بالقاهرة إلى عدد من العمال والموظفين بالمصانع في القاهرة وبورسعيد والمنصورة في حين خرج الآلاف من عمال غزل المحلة في مظاهرة ضخمة في الشوارع شارك فيها الأهالي وتعاملت معهم قوات الأمن بإلقاء القنابل المسيلة للدموع واعتقال العشرات منهم.

كما تحولت الشوارع المحيطة بمعظم الجامعات المصرية إلى ترسانات عسكرية لقمع أي مظهر احتجاجي متعلق بالإضراب العام فيما شهدت الجامعات نفسها تراجعا ملحوظا في أعداد الطلاب المترددين عليها بشكل يتنافى مع الكثافة الطلابية المعتادة في مثل هذا اليوم من كل أسبوع.

وقالت المصادر المصرية ان أعداد المعتقلين يوم السادس من نيسان في القاهرة فقط وصل إلى 200 معتقل تم اعتقال معظمهم من الشوارع وأماكن التظاهر وبعضهم تم القبض عليه من منازلهم وأماكن سكنهم، فيما شهدت بعض المناطق وقوع ضحايا نتيجة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن المصرية.

وأشار بيان لجبهة الدفاع عن متظاهري مصر المكونة من ثماني منظمات حقوقية وتضم 350 محاميا على مستوى مصر ان هناك 19 معتقلا في مدينة دمنهور في أعقاب مظاهرات اندلعت يوم السادس من نيسان، وبلغ عدد المعتقلين في بلطيم 9 معتقلين واعتقل 2 في مدينة بورسعيد، أما في المنصورة فقد اعتقل 5 أشخاص وفي الإسكندرية تم اعتقال ما يقرب من 38 شخصا.

وأكد البيان أن الهدوء خيم على مدينة القاهرة، حيث خلت الشوارع من المارة والسيارات وأغلقت معظم المحلات أبوابها، وأشار البيان إن هذه الحالة تدل على استجابة شعبية واسعة لدعوة «خليك بالبيت» التي أطلقت على موقع «الفيس بوك» بل أن الاستجابة فاقت كل التوقعات، بحسب البيان.

ادوات السيطرة الجديدة

ويشير نجاح موقع «الفيس بوك» في تحريك الشارع الشعبي في مصر إلى تلك الملامح التغييرية المشار إليها، والتي بدأت بتغيير العالم من دون وجود قوة مركزية حقيقية، فأدوات الاحتلال والتغيير التي كانت تملكها القوى العظمى تحولت من تلك التي عرفها العالم طوال السنوات الماضية إلى أدوات جديدة تجعل من تلك القنوات التفاعلية على الشبكة العنكبوتية وسيلة مؤثرة تتحكم بها في الوصول إلى التغييرات المطلوبة، وبات الأمر لا يحتاج إلا إلى أفكار ودعوات تنشر عبر موقع مثل «الفيس بوك» تديره الأجهزة الأمنية الأمريكية والصهيونية لإحداث ذلك الإرباك الذي عاشته مصر مؤخرا.

كما أن هناك شعورا جمعيا عربيا باستفادة الكيان الصهيوني من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربي والإسلامي التي توجد في موقع «الفيس بوك» وتحليلها وتكوين صورة استخباراتية عن الشباب العربي والمسلم يستطيع من خلالها تحريك الشارع العربي.

وفي أغلب الأحيان يجد الشباب العربي نفسه مضطراً دون أن يشعر للإدلاء بتفاصيل مهمة عن حياته وحياة أفراد أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به وصور شخصية له ومعلومات يومية تشكل قدراً لا بأس به لأي جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عن عالم الشباب العربي.

وتجربة الكيان الصهيوني في الاستفادة من التكنولوجيا المعلوماتية لا تخفى على أحد، فأجهزتها الأمنية والمخابراتية صاحبة باع طويل في هذا المجال وثرية بطريقة تجعلها قادرة على جمع ما تريد من معلومات في أي وقت عن الشباب العربي الذي يشكل النسبة الأكبر ويعد الطاقة في أي مواجهة مستقبلية.

ونتيجة لذلك بات الشباب العربي والإسلامي “جواسيس” دون أن يعلموا ويقدمون معلومات مهمة للمخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية دون أن يعرفوا لاسيما وان الأمر أصبح سهلا حيث لا يتطلب الأمر من أي شخص سوى الدخول إلى الانترنت وخاصة غرف الدردشة، والتحدث بالساعات مع أي شخص لا يعرفه في أي موضوع حتى في الجنس معتقدا أنه يفرغ شيئا من الكبت الموجود لديه ويضيع وقته ويتسلى، ولكن الذي لا يعرفه أن هناك من ينتظر لتحليل كل كلمة يكتبها أو يتحدث بها لتحليلها واستخراج المعلومات المطلوبة منها دون أن يشعر هذا الشخص أنه أصبح جاسوسا وعميلا للمخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية.

يقول جيرالد نيرو الأستاذ في كلية علم النفس بجامعة بروفانس الفرنسية، وصاحب كتاب مخاطر الانترنت: “إن هذه الشبكة “الفيس بوك” تم الكشف عنها، بالتحديد في مايو 2001 وهي عبارة عن مجموعة شبكات يديرها مختصون نفسانيون إسرائيليون مجندون لاستقطاب شباب العالم الثالث وخصوصا المقيمين في دول الصراع العربي الإسرائيلي إضافة إلى أمريكا الجنوبية”.

ويرى نيرو ان كل من له قدرة على استخدام الانترنت لسد وقت الفراغ أو لحاجة نفسية يعتبر “عميلا مميزا” لتلك الشبكات التجسسية.

ويشار الى ان هناك العديد من الجهات في كيان العدو الصهيوني التي تقوم برصد ومتابعة ما يحدث في العالم العربي. وفي الماضي استطاعت من خلال تحليل صفحة الوفيات بالصحف المصرية خلال حروب (56 و 67 و 73) جمع بيانات حول العسكريين المصريين ووحداتهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وهو ما أدى إلى حظر نشر الوفيات الخاصة بالعسكريين في فترة الحروب إلا بعد الموافقة العسكرية.

وكانت مصادر إسرائيلية أكدت أن تحليل مواد الصحف المصرية ساهم في تحديد موعد بدء حرب 1967 عندما نشرت الصحف تحقيقا صحافيا ورد فيه أن الجيش يعد لإفطار جماعي يحضره ضباط من مختلف الرتب في التاسعة صباح يوم 5 يونيو1967.

الملفت في العدو الجديد، او الشبح العنكبوتي المعروف الأهداف والذي يتنامى تأثيره في ظل المخطط المسيحي المتصهين الذي يشرف عليه قادة البيت الأبيض في واشنطن ويهدف الى تحقيق النبوءة التوارتية المزيفة بإقامة الدولة اليهودية الخالصة من خلال تفجير “الفوضى الخلاقة” في المنطقة العربية وصدام الحضارات بين الشرق والغرب بتصعيد الحملات المسيئة الى الإسلام ورموزه، انه تمكن من دارسة واقع الشباب العربي والإسلامي من خلال دخولهم اليومي على شبكة الانترنت، ورصد التناقضات التي يعتقد انه سيتمكن من خلالها تفجير الخلافات والصراعات الداخلية في الدولة الواحدة وتفتيت المنطقة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وإضعافها وصولا الى المبتغى “المشبوه” وهو ما نشاهده حاليا في ومصر وتجري المحاولة لنقله الى الاردن